لماذا نحتفظ بالأسرار؟
●
●
8 دقيقة للقراءة
●
––– مشاهدة
ليس سرّاً أنّك تحتفظ بسرّ الآن، في الواقع إذا كنت مثل معظم النّاس فأنت على الأغلب لديك عشرات المعلومات الشّخصيّة التي لم تشاركها أبداً مع أيّ شخص، وربّما لن تشاركها أبداً، والتي ممكن أن تكون ليلةً واحدةً أمضيتها مع شخصٍ غريبٍ، أو ربّما ارتكبت مرّةً واحدةً جريمةً صغيرةً وأفلتّ من العقاب. فكلنّا لدينا أسرار، بعضها كبيرٌ وسيّء ؛ بعضها صغيرٌ وتافه، وقد قام الباحثون بتحليل الحقائق التي يجب إخبارها للآخرين وأيهّا لا يجب قوله، وكانت الأشياء التي غالباً لا نخبرها للأخرين تتنوّع بين الخيانة الزّوجيةّ إلى الإدمان و المشاكل المالية.
وجد الباحثون أنّ هناك 36 سرّاً مشتركاً يحتفظ الشّخص العادي بحوالي 12سرّاً منها، على الأقل، بعض هذه الأسرار ضار لأنهّا تثير الخزي والعار، لكن بعضها يمكن أن يكون مقويّاً لك بشكلٍ أو بأخر حيث يمكن أن تساعدك نظرةٌ ثاقبةٌ لأسباب الحفاظ على السّر في تجنّب اجتراره.
السّريّة هي حجب المعلومات ّ الشّخصيّة عمدًا عن شخصٍ واحد ٍأو أكثر، غالباً ما يكون الاحتفاظ بالأسرار ضارّاً على المدى الطّويل ، جسديّاً ونفسيّاً، ومع ذلك وفقاً لعلماء النّفس مايكل سليبيان وأليكس كوخ ، ليس الحجب هو ما يؤلمنا ؛ بل ما يؤلمنا حقّاً هو الاجترار في داخلنا مراراً وتكراراً.
ما هي الأسرار التي يحتفظ بها الناس؟
يحافظ الكثير من النّاس على آرائهم السّياسيةّ والدّينيّة طي الكتمان، خاصّةً عندما يعتقدون أنّ ما يؤمنون به لا يتوافق مع أراء الأشخاص الأخرين.
يخفي بعض النّاس حجم مواردهم الماليّة ، سواء كان لديهم الكثير أو أقلّ بكثير ممّا يعتقده الآخرون، وبالمثل، يمكن أن تكون الميول والسّلوكيّات الجنسيّة بشكلٍ عام مسائل خاصّة لا يبوح بها البشر لأحد.
بعض الأسرار التي نحتفظ بها لا تؤذينا ؛ إنهّا ليست من شأن أيّ شخصٍ آخر على أي حال، لكن بعضها الآخر يثقل كاهل أذهاننا، وهذا النّوع من الأسرار هو الذين يؤذي بمرور الوقت. لفهم السّبب ، أجرى كلّ من كوخ وسليبيان سلسلةً من الدّراسات. في مزيدٍ من الدّراسات، اكتشف كلّ من سليبيان وكوخ أنّه يمكننا توقّع الأسرار التي ستسبّب الضّرر من خلال النّظر في كيفيّة ترتيبها على سلّم الأهمّيّة للأبعاد الثلاثة، وهذا لأنّ كلّ بُعد مرتبط بتجربةٍ عاطفيّةٍ معيّنة.
كشفت أبحاثهما أنّ الأسرار التي يحتفظ بها النّاس عادة ًيمكن تصنيفها في فئاتٍ أساسيّةٍ ، وتتراوح هذه الفئات بين الخيانة الزّوجيّة إلى عدم الرّضا الوظيفيّ ومن الرّغبات الرّومانسية إلى السّلوك الإجراميّ ، ومن التعّرض لتجربةٍ مؤلمةٍ إلى ممارسة هوايةٍ غير عاديّة.
في الدّراسة الأولى ، طلب الباحثون من المشاركين ترتيب 36 سرّاً مشتركاً في عدد المجموعات الذي يرغبون فيه، ومن خلال تحليل المجموعات التي صنعها المشاركون تمكّن الباحثان من تحديد ثلاثة أبعاد تصفّ كل ّسرّ:
1)الفجور: تتضمّن بعض الأسرار سلوكاً قد يعتبره النّاس ، بما في ذلك صاحب السّرّ سلوكًا غير أخلاقيّ ، وتتضمّن الأمثلة على المعلومات المخفيّة ذات البعد غير الأخلاقي مايلي: إيذاء شخص آخر أو السّرقة أو غير ذلك من الأعمال غير القانونية، بينما لا تحتوي الأسرار الأخرى على مكوّن أخلاقيّ خاصّ بها ، مثل الطّموحات أو الهواية أو مشاعر السّخط أو عدم الرّضا في العمل.
2)الترابط: يحافظ النّاس عموماً على سرّيةّ تفاصيل علاقاتهم الحميمة، ومن الأمثلة على الأسرار عالية البعد العلائقي الرّغبة الرّومانسية ، والخيانة الزّوجيّة ، والسّلوكيات الجنسيّة بشكل ٍعام، على النقّيض من ذلك ، فإنّ الأسرار الأخرى ، مثل المشاكل في المدرسة أو العمل ، وكذلك المعتقدات الدّينيةّ أو السّياسيّة ، ليس لها علاقة كبيرة بعلاقاتنا.
3)البصيرة: في الحياة العمليّة، غالباً ما يتعيّن علينا الحفاظ على سرّيةّ بعض المعلومات، ونحن نفهم بوضوح سبب احتفاظنا بهذه الأسرار، وعلى العكس من ذلك غالبًاً ما يكون لدينا القليل من التّبصّر أو لنقل بعد النّظر في أسباب مشاكلنا الزّوجيةّ أو الصّحيّة ، لذلك يتمّ تصنيفها ضمن فئة الأسرار المنخفضة في بُعد البصيرة.
لماذا بعض الأسرار يكون ضارّاً جدّاً؟
قد يكون إخفاء المعلومات ضارّاً نفسيّاً لأنّ صاحب السّرّ لا يملك فرصة ًلمناقشة المحتويات مع أشخاص آخرين.
عندما نواجه مشاكل ، من المفيد مشاركتها مع الآخرين الذين يمكنهم تزويدنا برؤية ثاقبة حول كيفية التّعامل معها، ولكن عندما يتعلّق الأمر بالأسرار التي تحتلّ مكانة عالية في البعد الاأخلاقي ، فإنّنا نشعر بالعار ونحجم عن مشاركتها غالباً لسببٍ وجيه.
ومع ذلك ، فإن الأسرار التي تحتلّ مرتبةً عاليةً في البعدين الآخرين تكون أقلّ احتماليّة للتسبب في ضررٍ عاطفيّ. على سبيل المثال ، تثبت لنا المعلومات غير المكشوف عنها يعني الأسرار والتي لها أهمّيّة كبيرة في بُعد التّرابط أن ّلدينا قيمة اجتماعيّة أو حميميّة في علاقةٍ ما، وبالتالي ، إذا كان لديك عاشق سرّيّ ، فإن أفكارك المتعلّقة بهذا الموضوع وهذا الاتّصال الحميميّ المخفي عن الجميع تعمل بالتأّكيد على تحسين مزاجك، حتّى لو لم تتمكّن من مشاركتها مع أشخاص آخرين.
وبالمثل ، تثير المعلومات السّريّة ذات الأهمّية العالية في بُعد البصيرة شعوراً بالكفاءة. على سبيل المثال ، إنّ معرفة أنهّ قد تمّ تكليفك بمعلوماتٍ سرّيّةٍ في العمل يثبت لك أنّك شخصٌ قادرٌ وجديرٌ بالثّقة لذلك تمّ اختيارك.
بالطّبع ، يمكن أن يكون السّر موجوداً في بعدين أو حتّى جميع الأبعاد الثّلاثة في نفس الوقت، فيمكن أن تكون التّفاصيل حول علاقة غراميّة عالية فيما يتعلّق بالفجور والتّرابط وبالتّالي يمكن للشّخص في هذه الحالة أن يشعر بالخزي عند خداعه لشريكه ولإثارة الارتباط الوثيق مع إنسان آخر في نفس الوقت.
كيف تحافظ على سر دون إيذاء الآخرين؟
مع العلم أن ّالسّريّة تؤذي أصحاب المعلومات بشكل ٍأساسيّ لأنهّم يجترّون الأمر ، اقترح سليبيان وكوخ أنّ فهم سبب الاحتفاظ بالسّرّ يمكن أن يساعد في تخفيف الضّيق. ولهذه الغاية ، ابتكرا تمرين تأطير بسيط ، اختبراه على 300 مشارك. لكلّ سرّ يحتفظ به الشّخص، طُلب من المشاركين النّظر في العبارات الثّلاثة التّالية ، والمرتبطة بالأبعاد الثّلاثة:
لا ضير من وجود هذا السّر. (رذيلة)
هذا السّر يحمي شخصاً ما أنا أعرفه. (التّرابط)
لديّ فهم جيّد لهذا السر. (تبصّر)
أفاد أولئك الذين شاركوا في هذا التّمرين يوميّاً بأنّهم أصبحوا أقلّ اجترارًا بشأن سرّهم وحالتهم المزاجيّة باتت أفضل بشكلٍ عام خلال الأسبوع التاّلي للتّجربة. تشير هذه النتّيجة إلى أنّ الوضوح حول سبب إخفاء السّر يمكن أن يقلّل الضّرر النّاتج عن اجترار محتوى السّر.
لدينا جميعًا معلومات شخصية خاصّة نفضّل عدم مشاركتها مع أشخاص آخرين لأنّ مشاركتها قد تسبّب لنا الشّعور بالخزي والعار و طالما أنّنا نفهم بوضوح سبب إخفاء نا السر سوف نتمكّن مع مرور الوقت من أن نمنع أنفسنا من الوقوع في دوّامة مؤذية من التّفكير في الأمر مراراً وتكراراً.