المرّيخ بين الأسطورة والخيال والحقيقة

15 دقيقة للقراءة

––– مشاهدة

white space ship and brown planet

الشقيق الأصغر والأقرب للأرض… شقيقٌ أحمرٌ للكوكب الأزرق!

سبب التّسمية

أطلق عليه الصّينيّون القدماء اسم "ين هو"، ما يعني في اللّغة الصّينيّة الإبهار والإرباك.

أمّا اسمه باللّغة العربيّة فهو مُشتقّ من كلمة «أمرخ» أي صاحب البقع الحمراء، فيقال ثورٌ أَمرخ أي به بقع حمراء، حيث اعتبر المريخ كوكبٌ صخريٌّ ومعظم سطحه أحمر إلا بعض البقع ذات اللّون الأغمق بسبب تربته وصخوره.

وأمّا مارس (باللاتينية: Mars) فقد جاء من اسم الإله الذي اتّخذه الرّومان للحرب.

وأمّا لقب الكوكب الأحمر فسببه لون الكوكب المائل إلى الحمرة بفعل نسبة غبار أكسيد الحديد الثّلاثي العالية على سطحه وفي جوه.

أبعاد المرّيخ

يبلغ قطر المرّيخ حوالي ثلاثةٌ وخمسون بالمئة من قطر الأرض، وكتلته تمثّل حوالي أربعة عشر بالمئة من كتلة الأرض، والغلاف الجويّ لكوكب المريخ قليل الكثافة ويتكوّن أساساً من ثاني أكسيد الكربون وكمّيّاتٍ قليلةٍ من بخار الماء، وجوّه أبرد من جوّ الأرض، وتبلغ السّنة على المريخ 687 يوماً أرضيّاً،حيث يستغرق يومٌ واحدٌ على كوكب المرّيخ حوالي أربعٍ وعشرين ساعةً وتسعٌ وثلاثون دقيقةً، في حين أنّ يوماً واحداً على الأرض يستغرق حوالي ثلاثٍ وعشرين ساعةً وخمس وستّين دقيقة.

وكما رأيتم فإنّ لهذين الكوكبين وأعني هنا الأرض والمرّيخ الكثير من القواسم المشتركة، لذلك كان من السّهل نسبيّاً على الإنسان القيام بإرسال بعثاتٍ وطواقم مهامٍ لاستكشاف المرّيخ، فعندما تسأل لماذا كوكب المرّيخ بالذّات؟ سوف تجد أنّ هناك العديد من الأسباب الاستراتيجيّة والعمليّة والعلميّة، التي تدفع البشر لاستكشافه، من بينها أنّ موقع المرّيخ هو أكثر الأماكن التي يمكن الوصول إليها في النّظام الشّمسيّ، وقد وفّر استكشاف المرّيخ فرصة الإجابة على أسئلةٍ حول أصل الحياة وتطوّرها، وساعد في تحسين نوعيّة الحياة على الأرض، وفي التّعرف أكثر على كوكبنا.

Mars

جيولوجيّة المرّيخ

من منظورٍ عمليّ، كوكب المرّيخ فريدٌ من نوعه عبر النّظام الشّمسيّ بأكمله، فهو كوكب ٌأرضيٌّ له غلافٌ جويٌّ و جيولوجيته متنوّعةٌ ومعقّدة ٌللغاية (مثل الأرض)، ويبدو أنّ مناخ المرّيخ قد تغيّر على مدار تاريخه (مثل الأرض). يحتوي المرّيخ على تضاريس طوبوغرافيّة متنوّعة، بما في ذلك الجبال والسّهول وأهمّ نتائج الاستكشاف التي تم ّالتّوصل إليها حتّى الآن هي أنّ موارد مائيّة وُجِدَت يوماً ما على المريخ.

على سطح المرّيخ توجد جبالٌ أعلى من مثيلاتها الأرضيّة، ووديانٌ ممتدّة، وعليه أكبر بركانٍ في المجموعة الشّمسيّة يطلق عليه اسم أوليمبس مونز تيمّناً بجبل الأولمب على كوكبنا الأرض. كما يوجد وادي مارينر والذي يعتبر أحد أكبر الأخاديد في المجموعة الشّمسيّة.

على بابي واقف قمرين

Mars moons, Phobos and Deimos

للمرّيخ قمران يسمّى الأول ديموس ومعناه الرّعب في اللّغة اليونانيّة والقمر الثّاني فوبوس والذي يعني الخوف، وهما قمران صغيران وغير منتظمي الشّكل، ويمكن أن يكونا كويكبين قام المريخ بالتقاطهما على غرار يوريكا، وهو طروادة مريخيّة، والطّروادة المريخيّة أو الطّرواديات المريخيّة هي مجموعةٌ من الأجرام التي تشارك نفس مدار المرّيخ حول الشّمس، ويمكن إيجادها حول نقاط لاغرانج التي تقع أمام وخلف المريخ.

الحرارة على سطح المرّيخ

تبلغ درجة حرارة السّطح العليا سبعٌ وعشرون درجةً مئويةً والصّغرى مئةٌ وثلاثةٌ وثلاثون- درجةً مئوية. ويتكوّن غلاف المريخ الجويّ من ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين والآرغون وبخار الماء وغازات أخرى. الأيّام والفصول السّنويّة مماثلةٌ للفصول الموجودة على الأرض، لأنّ فترة الدّوران وإمالة محور الدّوران متشابهتان للغاية. يعتقد العلماء أنّ كوكب المريخ احتوى على الماء قبل أربع مليارات سنة، ممّا يجعل فرضيّة وجود حياةٍ عليه متداولةً أو مقبولةً نظريّاً على الأقل.

يمكنك بسهولةٍ رؤية المريخ من الأرض بالعين المجردة، وكذلك لونه المحمر.

كيف نشأ المرّيخ؟

قد يكون المرّيخ وفقاً لدراسة عالمين أمريكيين مجرّد كوكبٍ لم يستطع أن يتمّ نموّه، بعد أن نجا من الاصطدامات الكثيرة بين الأجرام السّماويّة التي شهدها النّظام الشّمسي ّفي بداية تكوينه، والتي أدّت لتضخّم أغلب الكواكب الأخرى، وهذا يفسر صغر حجم المرّيخ مقارنةً بالأرض أو بالزّهرة.

خلص العالمان إلى هذه النّتيجة بعد دراسةٍ استقصائيّةٍ لنواتج الاضمحلال المشعّة في النّيازك.

إمكانيّة الحياة ووجود ماء

هناك تحقيقاتٌ مستمرّةٌ في إمكانات الحياة على المرّيخ، ويتمّ التّخطيط لبعثات علم الفلك في المستقبل، بما في ذلك بعثة روفر (مارس 2020) وإكسو مارس.

عمليّاً لا يمكن أن توجد المياه السّائلة على سطح المريخ وذلك بسبب انخفاض الضّغط الجويّ هناك والذي يقلّ عن واحدٍ بالمائة من مثيله على الأرض. في نوفمبر من العام 2016، أبلغت ناسا عن العثور على كمّيةٍ كبيرةٍ من الجليد تحت الأرض في منطقة يوتوبيا بلانيتيا في المرّيخ، قُدّر حجم المياه المكتشفة بأنّه يعادل حجم المياه في بحيرة سوبيريور.

وفي العام 2000، توصّل الباحثون لنتائج توحي بوجود حياةٍ على كوكب المرّيخ بعد معاينة قطع من نيزكٍ عُثِر عليه في القارّة المتجمّدة الجنوبيّة، وتمّ تحديد أصله من كوكب المرّيخ نتيجة مقارنة تكوينه المعدنيّ وتكوين الصّخور التي تمّت معاينتها من المركبات فيكينغ 1 و2، حيث استدلّ الباحثون على وجود أحافير مجهريةّ في النيزك.

ولكن تبقى الفرضيّة آنفة الذّكر مثاراً للجدل دون التّوصّل إلى نتيجةٍ أكيدةٍ بوجود حياةٍ في الماضي على ذلك الكوكب.

رحلات الاكتشاف وغرائب المرّيخ

هبوط المركبة الفضائيّة الأكثر تطوّراً Perseverance على كوكب المرّيخ، أثار التّساؤل من جديد "هل يمكن العيش على المرّيخ؟ لقد أصبح التساؤل أكثر منطقيّةً من ذي قبل فهناك أملّ أكبر بإيجاد حياة ٍعلى المرّيخ.

في الـ18 من شباط/فبراير من العام 2021، هبطت المركبة الفضائيةPerseverance (المثابرة)، التّابعة لوكالة ناسا، بنجاحٍ على سطح كوكب المرّيخ في حوضٍ شاسعٍ يسمّى حفرة جيزيرو، التي كانت بحيرةً قبل نحو 3 مليارات عام، بحسب القائم بأعمال مدير ناسا ستيف جورتشيك.

مهمّة Perseverance كانت البحث في تلك الحفرة عن آثارٍ للحياة الميكروبيّة (الجرثوميّة) أو آثار لزجة تركتها ميكروبات في قاع بركة الماء جيزيرو، عندما كان الكوكب أكثر دفئاً ورطوبةً وربّما أكثر قابليّةً للحياة عليه.

اكتشف سكوت وارينغ، عالم الأجسام الفضائيّة المجهولة، في صورٍ منشورةٍ لسطح الكوكب الأحمر أنقاض مبان غريبة ذات جدران مستقيمة وسماكة موحّدة

يفيد موقع Planet News، بأنّ هذه الأنقاض اكتشفها سكوت وارينغ، عالم الأجسام الفضائيّة المجهولة، وظهرت كبقايا هيكلٍ شبيهٍ بمبنى أنشأه الإنسان، ولهذا الهيكل جدرانٌ متساويةٌ ذات سمكٍ واحدٍ، متّصلة ببعضها مكوّنةً حجراتٍ مختلفة المساحة.

ووفقا لسكوت وارينغ، قد تكون هذه المباني من صنع كائناتٍ ذكيّةٍ قصيرة القامة تعيش على الكوكب الأحمر، ويلفت العالم الانتباه إلى أنّ لهذه الجدران سماكةٌ موحّدةٌ، وهذا الأمر لا يمكن أن يكون ناتج عن تأثير ظواهر طبيعيّة.

ويشير وارينغ، إلى أنّه قبل حوالي عشر سنوات، اكتُشف في صورٍ لسطح المرّيخ جسم أنثى لا يتجاوز طولها 15 سنتمتراً، ووفقاً لهذا الاكتشاف فإنّ حياةً كانت موجودةً على الكوكب الأحمر في وقت سابق.

stone formation, on the shape of a woman

عادت صورة المرّيخ لعام 2014 إلى الظّهور بشكلٍ غريبٍ مجدّداً في عدد ٍمن الصحف مؤخّراً، وتزعم أنّها تكشف وجود ما يشبه عظم الفخذ وسط أنقاض الكوكب الأحمر.

ومثل كلّ الصّور المشابهة حتّى الآن، فإنّ الجسم الذي نراه هو مجرّد صخرةٍ قديمةٍ من كوكب المرّيخ، وأوضحت وكالة ناسا ذلك قبل 6 سنوات.

Mars-fossil-thigh-femur-bone-like

والتُقطت الصّورة باستخدام MastCam من Curiosity Rover في 14 أغسطس 2014، وانتشرت بسرعةٍ كبيرةٍ كدليلٍ على أنّ كوكب المرّيخ احتوى حياةً ذات مرّة، ما دفع وكالة الفضاء الأمريكيّة إلى تصحيح ذلك قائلين قد تبدو صخرة المريخ مثل عظم الفخذ لكنّ شكله منحوتٌ على الأرجح بسبب التّآكل، أو الرّياح أو الماء، وإذا كانت الحياة موجودة ٌعلى كوكب المرّيخ في أي ّوقت سابقٍ فإنّ العلماء يتوقّعون أنّها ستكون أشكال حياة ٍبسيطةٍ صغيرةٍ تسمّى الميكروبات. ومن المحتمل أنّ الكوكب الأحمر لم يكن يحتوي على ما يكفي من الأكسجين في غلافه الجويّ، وفي أيّ مكان آخر، لدعم الكائنات الأكثر تعقيداً، وبالتّالي لا توجد أحافير كبيرة.

ظاهرة pareidolia

إنّ رؤية الأنماط في التّكوينات العشوائيّة ليست ظاهرةً جديدةً، ومن المحتمل أن يحدث ذلك كلّ يوم ٍدون أن تدرك، وتسمّى هذه الظّاهرة pareidolia، ويُعتقد أنّها تحدث عندما تُعالج بعض أجزاء الدّماغ المعلومات المرئيّة وتقفز إلى الاستنتاجات قبل أن يدرك بقيّة دماغك.

وأثارت العديد من الصّخور والتّكوينات رحلاتٍ خياليّةٍ حول علامات الحياة القديمة أو حتّى الحضارات الكاملة على كوكب المرّيخ، وربّما كانت الصّورة الأكثر شهرةً هي لمنطقةٍ تسمّى Cydonia، التُقطت في عام 1976، يُعتقد أنّها تُظهر منحوتةً ضخمةً لوجه (في وقتٍ لاحقٍ، أظهرت الصّور عالية الدّقّة أنّها مجرّد تكوينٍ صخريّ).

stone face on mars

الصّور عالية الدّقّة:

strange things alien like face on mars comparison

وهناك أيضاً ما سمّي بمدفع المّريخ وملعقة الكوكب الأحمر، والمرأة المحاربة على المرّيخ و"الإله الأشوري". وفي وقتٍ قريبٍ زعم أحد العلماء أنّه حدّد حشراتٍ متحجّرةٍ على الكوكب، وزعم آخر أنّه وجد الفطر، ولكن لا يوجد أيّ دليلٍ على الإطلاق بأنّ هذه الصّور تظهر أيّ شيءٍ بخلاف الصّخور المجوّفة.

ملعقة الكوكب الأحمر:

ventifact spoon on mars

"المدخل" المرئيّ على كوكب المّريخ ليس مخصّصاً للأجانب

إليك كيف تمّ تشكيله حقّاً

stone formation on mars that looks like a door

لا ، هذا ليس مدخلاً لسكّان المرّيخ! على الرّغم من أنّ وسائل التّواصل اندلعت مؤخّراً بعد أن ظهرت صورةٌ من المركبة الفضائيّة Curiosity التّابعة لناسا وكأنهّا تُظهر "باباً غريباً" ، إلّا أنّ الخبراء متأكّدون تماماً من أنّها مجرّد ميّزةٍ طبيعيّةّ لمشهد كوكب المرّيخ.

قال عالم الجيولوجيا البريطاني نيل هودجسون ، الذي درس جيولوجيا المرّيخ إنّ هذه صورةٌ مثيرةٌ للفضول للغاية "لكن باختصار - يبدو لي أنّه تآكلٌ طبيعيّ".

توضّح عدّة أدلّةٍ أنّ موضوع الصّورة ليس باباً فعليّاً.

كبداية، يبلغ ارتفاع البوّابة أقلّ من 3 أقدام (متر واحد) ، وفقاً لما قاله عالم جيولوجيا الكواكب نيكولاس مانجولد من جامعة نانت في فرنسا..أو قد يُظهر هذا أنّ المرّيخيّين كانوا صغاراً، يعلّق ساخراً.

stone formation on mars that looks like a door with dimentions

جاءت بعض الآراء الغريبة أيضاً لتفسير ظهور البوّابة تضمّنت الاقتراحات الأخرى فكرة أنّه قبر الفضاء ليسوع، سرير ل ET ؛ أو نقطة حفظ للعبة فيديو ، حسبما أفاد موقع Vice.

لكن الجواب الحقيقيّ هو أنّه ولا اقتراح من هذه الأشياء صحيح! وما يبدو وكأنّه باب هو في الواقع فتحةٌ ضحلةٌ في الصّخر والتي تكاد تكون ناجمةً عن قوى طبيعيّة ،هكذا يدّعي الخبراء!

إذا لم يكن الباب الظّاهر في الصّور باباً ، فما هو؟

يعتقد هودجسون ، نائب رئيس شركة علوم الأرض البريطانية Searcher أنّ "الباب" سببه التّآكل.

يمكن رؤية الطّبقات الصّخريّة وهي تنغمس على اليسار وأعلى جهة اليمين، وقال هودجسون إنّ هذه أسرّةٌ طينيّةٌ مع أسرّةٍ رمليّةٍ صلبة ترسّبت جميعها ربمّا قبل 4 مليارات سنة في ظروفٍ رسوبيّةٍ ، ربّما في نهر أو كثبانٍ رمليّة. وقال إنّ رياح المرّيخ تسبّبت في تآكل الطّبقات منذ انكشافها على السّطح ، وحتّى الصّور تُظهر آثارها داخل "الباب".

تظهر في الصّورة أيضاً العديد من الكسور الرّأسيّة الطّبيعيّة ، من بينها الكسور النّاتجة عن طريقة الطّقس الصّخريّ على سطح المرّيخ ؛ ويبدو أنّ الكهف الصّغير أو "الباب" قد تشكّل حيث تتقاطع الشّقوق الرّأسيّة مع الطّبقات ، على حدّ قوله. وقال إنّه يبدو أنّ "صخرةً كبيرة ًسقطت تحت ثقلها" لإنشاء كهفٍ على شكل باب. "الجاذبيّة ليست قويّةً على المرّيخ ، لكنّها قويّةٌ بما يكفي للقيام بذلك."

يمكنك التفاعل مع الصور الكاملة أدناه:

وأخيراً إليك دليل رحلتك إلى المرّيخ

بتكنولوجيا السّفر الحديثة في القرن الحادي والعشرين. إذا كنت ترغب في القيام برحلةٍ ذهاباً وإياباً من الأرض نحو المرّيخ ومن ثم ّالعودة، ستستغرق رحلتك نحو 21 شهراً، حيث ستحتاج إلى الانتظار نحو 3 أشهر على المرّيخ؛ للتّأكّد من أنّ الأرض والمرّيخ في موقعٍ مناسبٍ للقيام برحلة العودة إلى الوطن.