هل تتمتع علاقتك الرومانسيّة بهذه السّمة الهامّة؟
●
●
9 دقيقة للقراءة
●
––– مشاهدة
أهمّيّة التّزامن
لقد أظهرت الأبحاث أنّ النّجاح في العلاقات الرومانسيّة يبدأ في الأصل بالتّفاعل الأوّليّ بين الأمّ والطّفل.
وعلى ما يبدو أنّ أنماط التّعلّق الجيّدة في مرحلة الطّفولة تُنتج شركاء مستجيبين عاطفيّاً.
Synchrony أو التّزامن باللّغة العربيّة هي خصلة رابحةٌ للغاية في حال توفّرت في شريك حياتك المحتمل.
يقول علم العلاقات المتطوّر الحديث إنّ التّزامن يمكن أن يكون أحد أهمّ مكوّنات العلاقة النّاجحة، لكنّه يبقى شرطاً لازماً وليس كافياً على اعتبار أنّ العلاقات أمرٌ معقّد للغاية وتلعب أمورٌ كثيرةٌ في حياة الفرد دوراً في تركيبها.
لنقم بهذه التّجربة الصّغيرة: اسأل صديقاً عن متطلّباته الأساسيّة لشريك رومانسي محتمل ، وسيسرد لك على الأرجح قائمةً طويلةً من المتطلّبات الأساسيّة مثل :
- ملفت للانتباه
- يتمتّع بروح الدّعابة
- لطيف ومنفتح الذّهن
- ميسور الحال ماليّاً
- يعمل بجدّ
- والد رائع
إجابتي المفضّلة: أنت تعرف… صديقي المفضّل … توأم روحي.
ممّا لاريب فيه أنّ توافر هذه الصّفات في شريك حياتك لأمرٌ رائع، لكن دعني أخبرك يا صديقي إنّ قائمتك على الأرجح تفتقد مكوّناً رئيسيّاً في العلاقات النّاجحة تعال نرصده معاً
لنعد خطوة إلى الوراء و لنلق نظرةً على الصّورة الكبيرة لفهم هذه السّمة الرّئيسيّة تماماً:
لنلق نظرةً سريعةً على علم نفس العلاقات وما يراه العلماء فيما يخصّ نشأة العلاقات الحميميّة وتأثيراتها على علاقات البالغين اللاحقة. و للقيام بذلك ، يجب علينا أولاً أن نطّلع على نتائج البحث الذي أجري على الأطفال وأمّهاتهم بشكلٍ خاصّ.
من أكثر المجالات إثارةً للجدل في أبحاث العلاقات البشريّة هي دراسة أنماط أو نماذج الارتباط بين الأم ّوالطّفل: كيف يتمّ تكوين هذه العلاقة، وتأثيرها الدّائم على جميع العلاقات التي تأتي بعدها ، وخاصّةً العلاقات الرومانسية التي نعيشها في حياتنا لاحقاً.
كانت الدّراسات حول أنماط التّعلّق مؤثّرةً جدّاً، حيث كشفت الدّراسات المبكّرة عن مدى أهمّيةّ أنماط التّعلّق المبكّرة بشكلٍ يثير الدّهشة في التّأثير على النّجاح في العلاقات الحميّمة اللاحقة.
خلقت دراسات التّعلّق المبكّر للرّضع التي أجراها عمالقة البحث مثل جون بولبي وماري أينسوورث وغيرهما من العلماء الرّواد في هذا المجال أساسًا لدراسة أنماط التّعلّق بين الرّضّع وأمّهاتهم، وخلال العشرين عاماً الماضية كان لهذا البحث ضجّةً واسعةً ،وانتشرت أصداؤه في كلّ أنحاء العالم، وقد وضّحت الدّراسات والمقالات والكتب اللاحقة للإنسان العادي غير المختص ّبهذا المجال مدى أهمّيّة تجربة التّرابط المبكّرة الخاصّة به على علاقاته اللاحقة.
وفي الآونة الأخيرة ، أصبح النّاس ، بشكلٍ عام ، على درايةٍ كبيرةٍ بمفاهيم أنماط التّعلّق الأربعة لدى البالغين على حسب بولبي وهي التّعلّق القلق والتّعلّق الرّافض والتّعلّق المتجنّب والخائف ،وكنتيجةٍ لهذه الدّراية بدأت القوائم الخاصّة بالمتطلّبات الواجب توافرها في شريك الحياة تبدأ بصفةٍ لم تكن موجودة قبل وهي أريد شريكاً يتمتّع بنمط تعلّق آمن وهكذا أضافوا عبارة يجب أن يكون متعلق بشكل آمن " في قائمة المتطلبات الخاصة بهم لشركائهم الرومانسيين المطلوبين.
أثبتت هذه الدّراسات بالأدلةّ أنّ الجودة المبكّرة للعلاقة بين الأمّ والطّفل يمكن أن تتنبأّ بالنّجاح في العلاقات الرومانسيّة المستقبليّة، وبكلامٍ أكثر دقّة يبدو أنّ العلاقة المبكّرة الجيّدة بين الأم ّوالرّضيع تؤديّ فيما بعد إلى زيجاتٍ وعلاقاتٍ جيّدة ، في حين أنّ العلاقات المضطربة أو المختلةّ تفعل العكس تماماً.
بيد أنّ الجزم القاطع بأنّ أنماط التّعلقّ المبكّر هي العامل الوحيد الذي يمكن أن يتنبّأ بالزّيجات والعلاقات النّاجحة أمراً ليس صحيحاً تماماّ وبعودةٍ بسيطةٍ والاطّلاع السّريع على التّاريخ الطّويل لبحوث العلاقات سيتبيّن لنا مدى خطأ هذا التّعميم. ففي العلوم السّلوكيةّ ، لا يتسبّب شيءٌ في شيءٍ آخر أبداً ، بل إنّ العلاقات الإنسانيّة دائماً ما تكون ناجمةً عن عوامل متعددّة مساهمة، ومع ذلك فإنّ النّتائج المهمّة المتعلّقة بأنماط التعّلق تستحقّ الإضاءة عليها ولو قليلاً لفهم دورها مهما كان حجمه:
يبدأ جزءٌ أساسيًّ في تحديد القدرة العلائقيّة (مهارة بناء العلاقات) عند الولادة ، بعلاقة الطفّل بأمّه، بينما يمكن أن تساهم عوامل أخرى لسنا في محضر التّطرّق إليها اليوم في نجاح علاقات الفرد ، يوبدو أنّ أنماط ارتباط الأمهّات المبكرة لها تأثيرٌ كبيرٌ في تكوين علاقاتٍ حيويّةٍ وحميميّةٍ في مرحلة البلوغ.
مساهمة التّزامن
أنماط التّعلّق بين الأمّ والطّفل لها مكوّنات متعدّدة، ركّز قدرٌ كبيرٌ من البحث في هذه الأنماط على سلوكٍ مرفقٍ معيّنٍ يُعرف باسم التّزامن
. يمكن وصف التّزامن بأنهّ نمط تفاعلٍ معقّدٍ للتّواصل بين الأمّ والرّضيع ، حيث يستجيب الطّفل والأمّ بشكلٍ كبيرٍ كلٌّ منهما للآخر، إنّه نوعٌ من الرّقص
بين الأمّ والطّفل يتضمّن العديد من التّفاعلات الجذّابة والممتعة في كثيرٍ من الأحيان ، والتي تتطابق مع سلوكيّات وعواطف الآخرين وتستجيب لها.
أظهر الباحثون أنّ جودة هذه التّفاعلات المتزامنة المبكّرة تؤثّر على الرّضيع بعدّة طرق في حياته لاحقاً وتتضمّن بعض هذه التّأثيرات امتلاك مهارات لغويّة عالية وقدرة على التّواصل أفضل ، وتنظيم عاطفي ، ومعدّل ذكاء لفظيّ أعلى ، وتطوّر أخلاقيّ أفضل بما في ذلك مستويات أعلى من التعّاطف ، والاستجابة العاطفيّة ، وعلاقات أفضل مع الأقران ، والقدرة على إدارة التّوتر، وعلى ما يبدو فإنّ التّزامن يرتبط أيضاً بتلك القدرة على تبنّي علاقاتٍ رومانسيّةٍ تتّسم بالتّفاعل والتّجاوب، ولقد أثّرت دراسة الارتباط والتّزامن على مجتمع علم النّفس بحيث تطوّرت الدّراسات النّفسيّة من علمٍ يبحث عمّا يدور بداخلنا إلى البحث عمّا يجري بيننا.
يرتبط مفهوم التزامن بالعديد من المصطلحات الأخرى الأكثر شيوعًا المستخدمة غالبًاً في وصف علاقة جيّدة مثل التنّاغم والاستجابة العاطفيّة و التّواصل مع شخص ٍما
أو ببساطة المزامنة
هي الأشياء التي غالباً ما يتداولها الأشخاص الذين هم في المراحل الأولى من العلاقة الغراميّة في الحبّ، فيقال على سبيل المثال:
ظللنا مستيقظين طوال اللّيل نتحدّث حول كلّ شيء. ..لقد مرّ الوقت دون أن نشعر به … كان الأمر كما لو أنّ أحدنا يقرأ أفكار الآخر… لقد كان ينهي الجملة قبل أن أتمكّن من إنهائها!
عندما تفكر في الأمر ، فإنّ التّزامن هو جوهر العلاقة، التّفاعلات المتزامنة مع من تحبّ تبدو وكأنّها مكافأتك في حد ذاتها في العلاقة ، ويبحث الأزواج النّاجحون عن التّزامن بشكلٍ مقصود، ويحاولون زيادة السّلوكيّات المتزامنة في حياتهم اليوميّة على سبيل المثال: عشاء على ضوء الشّموع ، وتدليك الظّهر والقدم ، والرّقص ، وبالطبع العلاقة الحميميّة، يتيح التّواصل عبر الأنترنيت واتساب وغيره بشكل متواصل خلال اليوم مع استخدام الرّموز التعبيريّة والصّور المتحركة كلّ هذا يتيح للأزواج التّواصل في سلوكياّت متزامنة حتّى عندما يكونون بعيدين.
التزامن المفقود في علاقتك؟ هل تجد أن لديك شريكًا لا يمكنك التّواصل معه كما تريد؟
كن حذرًا قبل أن تلوم شريكك على عدم معرفته بكيفية التّواصل معك، وضع في اعتبارك أنّه من الطّبيعيّ جدّاً أن يكون للأزواج احتياجات مختلفة للسّلوكياّت المتزامنة ؛ بعض الأفراد يحتاجون أكثر بينما البعض الآخر يناسبه الأقل.
من المهم أن نذكر هنا أيضاً أنّ شخصاً ما قد لا يكون غير متاح عاطفياً
لمجرّد أنه يحتاج إلى تزامن أقل منك غربّما ما يعتبره أحد الشّركاء سلوكاً متزامناً قد لا يُنظر إليه على أنهّ متزامن من قبل الآخر. قد يختلف الأزواج المتابعون لأحدث سلاسل من Netflix حول ما إذا كان هذا نشاطاً متزامناً أم لا على الرّغم من أنهّ كان ممتعاً لكليهما. وكن على درايةٍ بحقيقة أنّ هناك دائماً معالجين نفسيين ومستشارين للأزواج يمكنهم مساعدتك لتعرف كيف تكون أكثر تزامناً مع شريكك وكيف تقوم بأنشطة متزامنة أكثر ترضي الطّرفين